يعطي هذا الكتاب للقارئ صورةً واضحة الملامح عن حياة المكيين في القرن الرابع عشر الهجري - بخاصة في النصف الأول منه فيما بعد عام الستين بقليل - وكيف كان المكيون يعيشون ويتعايشون ؟ وأية أوضاع فكرية واجتماعية واقتصادية وسياسية مرت بهم ومروا بها ؟ وقد دفع المؤلف للكتابة ؛ ما كُتب عن مكة المكرمة في كتب الرحلات وكتب التاريخ الحديث واحتوى معلومات غير صحيحة عن المكيين في عاداتهم وتقاليدهم ؛ فجاء تأليفه مؤرخاً ومصححاً في نفس الوقت لتاريخ مكةَ الحديث - في وقته - بشهادة أحد أبنائها من أهل الثقافة والعلم ، وقد استوفى الحديث فيه عن بيوت مكة وحواريها ، وطريقة البناء ، والأثاث ، والإضاءة ، والملابس في ذلك القرن ، وتناول المياه في مكة وعمارة عين زبيدة وما آلت إليه بشيء من التفصيل ، مع إسهاب المؤلف في بيان حالة مكة الاقتصادية وتجارتها وصناعاتها المحلية اليدوية ، ولم يفته الحديث عن الطوافة ووكلائها والزمازمة وأنظمتهم ، ثم ينتقل للبحث في لهجات المكيين مورداً طائفة من مصطلحاتهم وأمثالهم العامية ، إلى جانب الصحافة والأدب وسير التعليم وتطوره حتى التعليم الجامعي ومدارس البنات ، كما تحدث أيضاً عن الحكومة والحكام منذ اواخر القرن الثالث عشر حتى عصره مستطرداً في بعض أحداث الحرب العالمية الأولى وبعض الأحداث بالجزيرة العربية ، ثم يختم بالحديث عن الصحة في مكة كيف كانت وما آلت إليه بعصره ، وقد تضمّن الكتاب ملحقاً يحوي خريطة كبيرة لمكة المكرمة بأسماء جبالها وطرقها وحاراتها في ذلك القرن تختلف كثيراً عن مكةَ الحديثة الآن .. وفي الجملة يعدّ هذا الكتاب وثيقة تاريخية اجتماعية ، وشهادة على فترة مهمة من التاريخ والحضارة المكية بأواخر القرن الرابع عشر الهجري لا يستغني عنها باحث وقارئ التاريخ المكي .